الرئيسية أعمدة الرأي د.الحسن عبيابة: الفرحة حق طبيعي للشعوب

د.الحسن عبيابة: الفرحة حق طبيعي للشعوب

كتبه كتب في 7 دجنبر 2022 - 4:21 م

في الوقت الذي يعيش فيه الشعب المغربي في جميع أنحاء التراب الوطني حالة  من الفرحة العارمة والبهجة والسرور، بسبب تألق المنتخب الوطني في كأس العالم بدولة قطر الشقيقة،  الذي نجح في التأهل للدور الثاني، تم تأهل لدور الثمن في هذه المسابقة الرياضية الدولية بجدارة وإستحقاق، بدأ العديد من المتنمرين والأقلام الإفتراضية، والباحثين عن تسويق اليأس والبؤس من أجل تفويت فرصة الفرح على الشعب المغربي الذي يستحق أن يفرح بمنتخبه وبمكتسباته الوطنية والتاريخية، والحضارية الذي أكدها من خلال تشجيعه للمنتخب تنظيما وتشجيعا، وقد شهد بذلك الجميع من كل دول العالم .

ولمعرفة فرحة الشعوب في كأس العالم لابد من سرد جزء من تاريخ كأس العالم الذي يشكل عمليا وإحصائيًا أكبر رأي عام على الإطلاق في العالم، بمعنى أكبر من الإهتمام بالحروب والمشاكل الإقتصادية والإجتماعية محليا ودوليا، يقام كأس العالم لكرة القدم تحت إشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم كل أربع سنوات منذ عام 1930، وتوقف فقط سنتي 1942 و 1946 ، بسبب  الحرب العالمية الثانية، من خلال النسخ العشرون السابقة من بطولات كأس العالم، فازت فقط ثمانية منتخبات باللقب، أهم هذه المنتخبات على الإطلاق هو المنتخب البرازيلي فهو لم يغب أبداً عن أي بطولة كأس عالم حتى الآن ، وهو الأكثر تتويجا بالكأس حيث فاز بها خمس مرات أعوام: 1958، و1962،  و1970و1994 و2002، كما فاز كل من المنتخب الأرجنتيني والمنتخب الأوروغوياني ذكرت هذه المنتخبات فقط، لأنها لاتنتمي للدول الإقتصادية المتقدمة الكبرى في العالم، ومن خلال سرد تاريخ كأس العالم نستنتج من هذا مايلي:

. أن عدد الدول المشاركة في العالم والأكثر تتويجا هي من دول ذات إقتصاديات نامية تعاني من أزمات متعددة ولعدة سنوات، وهذا لم يمنعها من تقديم الفرحة والبهجة لشعوبها عن طريق منتخباتها الوطنية، حيث يفرح الشباب والنساء والاطفال والرجال، بل أن البرازيل في مشاركتها الآخيرة في كأس العالم، كانت تعيش أزمة اقتصادية بسبب إفلاسها إقتصاديا، ودخلت في مفاوضتها مع البنك الدولي ، وقدم فريقها الوطني إنتصارات خرج بسببها الشعب البرازيلي برمته إلى الشارع فرحا وسرورا.

. أن الذين يمارسون كرة القدم في العدد من الدول ويعشقونها هم من دول نامية ويمثلون أكثر سكان العالم دون منازع

. إن وجود مشاكل إقتصادية واجتماعية لاتوقف عجلة التاريخ، ولاتوقف الأفراح والأعراس والبرامج الثقافية والترفيهية، ونشر البهجة والسرور لدى الشعوب

أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية أصبحت عنصرا مشتركا بين جميع الدول بما فيها الدول المتقدمة صناعيا (أوروبا نموذجا

. أن الحديث عن الوضعية الإقتصادية والاجتماعية له سياقه الخاص لمناقشته من خلال المؤسسات الدستورية، وتتكلف به الحكومات المنتخبة ديموقراطيا.

. إن المتحدثين بإسم المغاربة للدفاع عنهم خارج المؤسسات، فهم بذلك ينتحلون صفة النيابة عن الشعب، فالمتحدث بإسم الشعب هي المؤسسات الدستورية المنتخبة،

ممكن أن يتكلم البعض في إطار حرية التعبير مع إحترام سقف الدستور، وإحترام المؤسسات

أن الذين يتركون الحديث عن فرحة نحو 40 مليون مواطن من المغاربة للإستمتاع بفرحة الفوز، ويتحدثون عن سجود اللاعبين بدون وضوء، ويستنكرون خروج الشعب إلى الشارع للتعبير عن الفرح، ليس من حقهم مصادرة الفرح الوطني أو التشويش عليه في كل أنحاء البلاد، لأن كأس العالم سينتهي نهاية الشهر الجاري، وسيبقى تاريخ الإنتصار والفرح للأجيال القادمة تفتخر به

. إننا جميعا يجب أن نفتخر بشعبنا المحب لمنتخبه ولبلده ولرايته الوطنية، في تحد لكل الظروف إنها الوطنية في أعلى تجلياتها، وقد زاد المغاربة فرحا وسرورا خروج جلالة الملك محمد السادس شخصيا بالعاصمة الرباط للإحتفال مع شعبه في أجواء وطنية عالية تزيد من توحيد الشعب المغربي مع مؤسساته وثوابته الوطنية

علينا الآن الإستمرار في فرحتنا بتشجيع منتخبنا الوطني، ولن نترك لأعدائنا في الخارج الفرصة للتشويش على فرحة الشعب المغربي، وخصوصا الجارة الجزائر التي  يروج إعلامها أوهاما وأخبارا زائفة عن المغرب في هذا الوقت بالذات، لاأساس لها من الصحة ، علما بأن هذه الأخبار هي موجهة بالأساس إلى الشعب الجزائري المغلوب على أمره للإستهلاك الداخلي.

 ويبدو  واضحا أن الهدف من هذه الأخبار هو التشويش على المغرب وعلى أفراحه وعلى إنتصاراته الدبلوماسية في كل المحافل الدولية، وهي محاولة لإمتصاص غضب الشارع الجزائري، الذي ضاق ذرعا بسبب ظروفه المعيشية الصعبة، وبسبب إستغلال ثرواته الاقتصادية لأغراض سياسية بعيدة كل البعد عن متطلبات الشعب الجزائري، بينما تؤكد العديد من التقارير الدولية بأن المغرب بإمكانياته المحدودة ، وقوة موارده البشرية إستطاع تحقيق نهضة إقتصادية وإجتماعية شاملة، مكنته من إحتلال المراتب الأولى في إفريفيا وفي دول المغرب العربي، ويبقى المغرب أفضل بكثير من العديد الدول المشاركة في كأس العالم، لكن إذا أعداء المغرب يريدون تبخيس أي إنجاز للمغرب فهم معرفون بذلك ولا أحد يلتفت اليهم، ولكن مع الأسف قلة من المغاربة إنفردوا في تحليل الوهم والمقارنات خارج السياق الرياضي والفرجري، وبدأوا يتحدثون عن الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية، ويستنكرون فرحة المغاربة التي عمت الجميع فرحة وبهجة داخل المغرب وخارج المغرب، لاأحد ينكر وجود مشاكل اجتماعية واقتصادية، مثله  كباقي دول العالم، وهذه لها سياق خاص للحديث عنها.

الدكتور : حسن عبيابة

رئيس مركز إبن بوطة للدراسات والابحاث العلمية والاستراتيجية

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .