في العام 1513م هاجمت أساطيل الغزاة البرتغاليون مدينة عدن جنوب اليمن.. وبعد معارك غير متكافئة تم احتلالها.. فهاجر الكثير من الأهالي.. وبقي البعض يقاوم بشراسة أوجعت المحتل كثيرًا، رغم أنها لم تكن منظمة..
ازدادت ضربات المقاومة فلجأ (البرتغاليون) لخطة مبتكرة لإخمادها.. حيث جاءوا بشخص مجهول اسمه عبدالرؤوف أفندي.. وأطلقوا عليه اسمًا ثوريًّا رنانًا هو شهم..
لم يكن أحد في عدن كلها يعرف هذا الـ شهم.. لكن البرتغاليين دعموه سرًّا بالمال وبعض السلاح، كي يظهر أمام الشعب (المغلوب) بطلاً قوميًّا ..
نادى (شهم) بالجهاد لتحرير عدن، فانقادت خلفه الحشود.. وبعد عدة معارك، متفق عليها مسبقا مع الغزاة البرتغاليين.. شاع ذكره.. وأصبح الكل يلقبه بالزعيم !
نادت (أوروبا) كعادتها بمؤتمر عالمي عاجل من أجل السلام في اليمن.. وطلبت من الزعيم المجاهد شهم الحضور لـ(سلام الشجعان) فقبل !
وفي تمثيلية مكشوفة، تحدّى (شهم) أن يحضر (البرتغاليون) !
تمنّعت البرتغال في البداية، تمنّعَ الراغب.. ثم قبلت في نهاية التمثيلية.. فتم كل شيء كما خُطِط َ له.. أعلن شهم حكومته المحلية.. واعترف بحق البرتغال في عدن! فقسمت عدن إلى قسمين، قسم يحكمه العميل شهم حيث يتبعه اللاجئون والفقراء.. وقسم آخر يحكمه المحتل البرتغالي.. ويمتلك النصيب الأكبر من الأرض ومن الثروة!
يقول أحد المؤرخين : “التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة”
اعتقد أن هذه القصة تكررت كثيرًا في تاريخ المنطقة!.. بحيث يتغير الزمان والمكان وشخوص القصة.. وتبقى الحبكة والحيلة ثابتة لا تتغير .. فالفخ هو الفخ .. والخيانة هي الخيانة .. والنتيجة للأسف هي النتيجة!
وبالتالي فالمتأمل في وضع العالم العربي اليوم، بجراحه الكثيرة.. يكتشف بكل سهولة، وجود أكثر من شهم في كل مكان.. حيث تم إنتاجهم وتصنيعهم بنفس الطريقة، ولنفس الهدف.. فالكل يعمل على تجزئة المجزّأ.. وتقسيم المقسّم.. وإسقاط مفهوم الدولة في المنطقة العربية، لصالح دويلات وأقاليم وكيانات هشة، تقوم على فكرة التلاعب بحبال الانتماءات المذهبية والطائفية والقبلية..
والخلاصة: أن الذين لا يقرأون التاريخ محكوم عليهم أن يعيدوه أكثر من مرة.. وأن يُلدَغوا من ذات الجحر ألف مرة!
بقلم : امحمد حكيم

تعليقات الزوار ( 0 )