التقاعد: غرسوا فاكلنا ونغرس لكي لا يأكلون.. !!

المتقاعد: الحسن مرزوق

احتفلت الشغيلة خلال هذه السنة بذكرى عيد العمال العالمي .وما ميز هذا العيد كونه لم يأتي بجديد بالنسبة للمتقاعدين المغاربة الذين كانوا ينتظرون المفاجأة، لكن حصل ما حصل، المتقاعدون أصبحوا في خبر كان. أصبحوا يشعرون اليوم بأنهم عرضة للاهمال والتهميش والإقصاء و”الحكرة”، جراء إقصاء هم وعدم اشراكهم في الحوار الاجتماعي وعدم الأخذ بمطالبهم المشروعة.

في مختلف دول العالم، المتقاعدون يحضون بأهمية كببرة حتى في الإسم، بعض الدول تسميهم ب “الكبار”، وأخرى تسميهم ب “الصنيور ” والبعض الآخر يطلق عليهم ” نخبة الحكماء”. مما يبين، وإن كان الأمر لا يحتاج إلى تبيان، مدى أهمية هذه الفئة وما يكنون لأفرادها من احترام وتقدير وعناية خاصة.

كيف يعقل، أن الحكومة المغربية، تغاضت أو تجاهلت، أو ربما استنكرت كل ما قامت به هذه الشريحة في المجتمع. ولم تحترم مقولة ” غرسوا فاكلنا ونغرس لياكلون”. فعلا، المتقاعد ساهم في بناء الوطن ولا أحد يجادل في ذلك، لكن أصبح اليوم يشعر بأنه لم يستفد من ثمار ما غرس من هذا البناء، وأن كل ما قام به من أعمال وإنجازات من أجل بناء الوطن ذهبت سدى.

اليوم، المتقاعد يعيش أزمة إحباط ويعيش مرحلة عصيبة في حياته: غلاء المعيشة من جهة، أثقال كاهله بالضرائب ، تقهقر قدراته الشرائية يوما بعد يوم. المعاش في واد والأسعار في واد آخر. مقاربة لا تساير ولا تواكب البتة العدالة الاجتماعية. هذا يحدث، علما انه طوال حياته المهنية والإدارية أدى ما يكفي من الضرائب ومن الاقتطاعات المتكررة من أجل المعاش خلال مدة اشتغاله. والبعض اليوم ما زال يشتغل ويساهم بشكل كبير في بناء الوطن وتأطير الأجيال الصاعدة، بغية المساهمة في خلق خير خلف لخير سلف.

كيف يعقل أنه خلال ذكرى عيد العمال العالمي، يستفيد الموظفون والعمال في القطاع الخاص بزيادات ، في حين لم يتم أي إجراء مماثل لفائدة المتقاعدين ليشعروا أنهم موجودون في الساحة وفي الميدان، والفترة التي قضوها في العمل كانت مجدية ومفيدة ويستفيدون في الوقت الراهن من جني ثمارها.

واقع الحال اليوم، يقول أن المتقاعد أصبح يشعر بخيبة الأمل والإحباط والتهميش والإقصاء و الحكرة.

كيف يعقل أن المتقاعد الذي ابلى البلاء الكبير في الدفع بعجلة التنمية منذ ريعان شبابه، بحيث أفنى عمره وحياته وطاقاته وشبابه في بناء الوطن، ويتم تركه بهذه السهولة عرضة للإهمال والتهميش والنسيان، واستنزاف قدرته الشرائية والمعيشية، علما أن المتقاعد عبارة عن خزانة تحمل بداخلها الذاكرة والخبرة والتجربة. هل لا يستحق التكريم أو التقدير أو الاحترام ؟…لما قام به وما زال يقوم به إلى اليوم.

من سيساهم في بناء وتطوير المجتمع وتربية الأجيال الصاعدة على القيم والأخلاق والفضيلة التي راكمها المتقاعد طوال مساره المهني والعملي ؟.

يحتاج المتقاعدون اليوم إلى وقفة تأمل من أجل توحيد الصفوف والدفاع عن حقوقهم المشروعة للعيش الكريم.

في هذا الإطار ، هناك مبادرات متعددة ومهمة قامت بها عدة جمعيات مشكورة التي تعنى بقضايا وشؤون المتقاعدين. استحضر التوصيات المنبثقة عن المؤتمر الرابع ل” فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب”، أهمها:

• الزيادة في المعاشات. هذه توصية مهمة. بعض الدول النامية والغربية سوت خلال هذه السنة وضعية المتقاعدين نظرا لغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.
• الحاجة الملحة لخلق إطار تنظيمي لتدبير شؤون وقضايا المتقاعدين. يلاحظ في إطار الحوار الاجتماعي غياب ممثلي المتقاعدين. أهل مكة أدرى بشعابها. فباشراك المتقاعدين يمكن إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة.
• خلق مراكز ومركبات اجتماعية وترفيهية وثقافية والاستفادة من خدمات باقي المرافق الوزارية أو غير الوزارية المماثلة الموجودة باثمان تفصيلية.
• الحصول على امتيازات لايواء الفنادق، والسفر داخل المغرب وخارجه للمتقاعدين.
• …..الخ.

تلكم باختصار شديد بعض التوصيات الصادرة عن “فدرالية الجمعيات الوطنية للمتقاعدين بالمغرب “، المرجو صادقا من الحكومة أن تنظر بعين الرضا والأخذ بعين الاعتبار بهذه التوصيات بهدف تفعيلها وتنزيلها على أرض الواقع ، لتمكين المتقاعدين من العيش الكريم لأنهم في نهاية المطاف أعضاء جلهم نشيطون في المجتمع المغربي ويستحقون أكثر من ذلك، وشعارنا الخالد: الله، الوطن، الملك.