دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى “تغيير المسار” على صعيد إدارة هذا المورد “المشترك الثمين” إزاء النقص المتفاقم، في ختام مؤتمر حول المياه غير مسبوق منذ قرابة نصف قرن أثار بعض الأمل.
وشدد غوتيريش على أن “المياه وهي الملكية المشتركة الأثمن يجب أن تكون في صلب الأجندة السياسية العالمية” لما لها من تأثير على الصحة والصرف الصحي والنظافة والسلام والتنمية والفقر والأمن الغذائي.
وأضاف “كل آمال البشرية المستقبلية رهن بطريقة ما بتغيير المسار بالاستناد إلى العلم لبث الحياة في برنامج التحرك من أجل المياه” الذي ارتسمت ملامحه من خلال الالتزامات التي قطعت خلال هذا المؤتمر. وطالب بجهود “تغير الوضع” لكي ينعم جميع سكان العالم بالمياه.
والعالم ليس راهنا بصدد تحقيق أهداف المياه المحددة للعام 2030 ولاسيما الحصول على المياه العذبة والصرف الصحي للجميع.
وأكد غوتيريش “لذا حان الوقت الآن للتحرك” بعدما حمل بقوة على “الاستهلاك المفرط” للبشرية والأزمة المناخية الناجمة عن ذلك.
وسجل حوالى 700 التزام صادر عن منظمات غير حكومية وحكومات والقطاع الخاص في “برنامج التحرك” هذا قبل المؤتمر غير المسبوق منذ 1977 وخلاله ومن بينها بناء مراحيض وإحياء 300 ألف كيلومتر من الانهار تعاني من التدهور. واستمر المؤتمر ثلاثة أيام وشارك فيه نحو عشرة آلاف شخص.
ورأى تشارلز آيسلاند من مركز الأبحاث “وورلد ريسورسز إنستيتوت”، أن “حوالى ثلث هذه الالتزامات قد يكون لها تأثير كبير” فيما أقل من ثلثها يحظى بتمويل محدد.
لكنه أكد لوكالة فرانس برس أن هذه “بداية جيدة” ذاكرا مشروع عرضته ألمانيا حول إدارة حوض نهر النيجر في الدول التسع التي يعبرها.
ورأى أن هذه المنطقة “هي على الأرجح أضعف مناطق العالم التي بدأت تشهد بوادر نزاعات عنيفة مرتبطة بالمياه بين بعض المجموعات”.
إلا انه أشار إلى أن المياه “مشكلة هائلة ولا يكفي عقد مؤتمر واحد بشأنها” داعيا إلى عقد مؤتمر سنوي.
“المستقبل ينادينا”
وقال ستيوارت كور من الصندوق العالمي للطبيعة في تصريح لوكالة فرانس برس “مع أن الوضع ليس إيجابيا بالكامل ومع أن بعض الالتزامات ليست قوية” بالمقدار المأمول “إلا انني فوجئت إيجابيا”.
وأضاف “نسمع الكثير من الوعود في مؤتمرات كهذه (..) لكن أشعر أن الأمر مختلف الآن”.
وأكد “المشكلة لن تختفي بل ستتفاقم لذا أرى أن هذا هو السبب الذي يدفع الجميع إلى القول إن الوقت حان للمضي قدماً”.
وفي محاولة لإعطاء دفع للأمور، دعا المؤتمر إلى تعيين مبعوث أممي خاص بشأن المياه وقال غوتيريش إنه سيدرس هذا الاقتراح.
ورأى هنك أوفينك موفد المياه المعين من هولندا التي شاركت في تنظيم المؤتمر إلى جانب طاجيكستان أن “المياه ليس لها مقر هنا في الأمم المتحدة” مع غياب وكالة متخصصة بها في المنظمة ومعاهدة دولية بشأنها.
في العام 2020 كان مليارا شخص لا يزالون محرومين من المياه العذبة السليمة فيما لا يحصل 3,6 مليارات على خدمات خدمات الصرف الصحي السليمة بينهم 494 مليونا يقضون حاجتهم في الهواء الطلق، على ما تفيد آخر الأرقام التي جمعتها لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية.
ويتناول ما لا يقل عن ملياري شخص مياها ملوثة بالبراز و2,3 مليارا لا يحصلون على خدمات النظافة الأساسية. وتساهم هذه الظروف في انتشار أمراض قاتلة والكوليرا والزحار.
وفيما يؤدي الاحترار المناخي إلى موجات جفاف متكررة، يرى خبراء المناخ في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن “نحو نصف سكان العالم” يعانون من نقص “حاد” في المياه خلال فترة على الأقل من السنة.
وقالت الناشطة الهولندية الشابة انييك مومن إن المؤتمر شكل “جرس انذار” وشددت على أن “المستقبل ينادينا لا تنسوا أن تصغوا إلى هذا النداء”.
تعليقات الزوار ( 0 )